هل هناك علاقة بين الكآبة في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث والهورمونات ؟
تقدم دراسة جديدة مساعدة في فك التشابك بشأن دور عوامل كثيرة في المساهمة في حدوث الكآبة في مرحلة انقطاع الطمث العابرة لدى النساء.
وقد أثبت البحث الجديد العلاقة بين الكآبة وبين مرحلة ما قبل انقطاع الطمث الانتقالية perimenopause ـ وهي مرحلة حدوث الدورة الشهرية بشكل غير منتظم، والتغير العشوائي في مستويات الهورمونات، واضطراب النوم، كذلك ولدى البعض حدوث الهبّات الساخنة غير المريحة.
ومع ان الباحثين لا يزالون يجهلون الإجابات عن كل التساؤلات حتى الآن، فإن الدراسة التي أجريت في مدينة سياتل سوف تساعدهم.
وقد وجدت الدراسة في ما وجدت: انه لا توجد علاقة مترابطة بين مستويات الهورمونات وبين الكآبة في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث الانتقالية.
ومع ذلك فإن عددا من العوامل الأخرى كان لها دورها أيضا.
الترابط
وفي عام 2006 أفادت «دراسة هارفارد حول المزاج والدورات» Harvard Study of Moods and Cycles، أن واحدة من كل ست مشاركات لم يكن لديهن أي تاريخ مرضي في الكآبة، قد ظهرت لديهن أعراض الكآبة خلال مرحلة ما قبل سن اليأس وانقطاع الطمث.
وكانت النتائج مماثلة في «دراسة بنسلفانيا حول شيخوخة المبيض» Penn Ovarian Aging Study الطويلة الأمد: فقد ظهر ان المشاركات اللواتي لم يكن لديهن تاريخ في الكآبة، ربما يتعرضن أربع مرات اكثر لحدوث أعراض الكآبة خلال مرحلة ما قبل سن اليأس، مقارنة بالسنوات التي تسبق تلك المرحلة.
وإضافة الى تذبذبات الهورمونات، فقد دقق الباحثون في التأثير المحتمل للعوامل الفسيولوجية، والهبّات الساخنة وتأثيرها في النوم، والعيوب الجينية. وفي 2006، تعرفت دراسة صحة المرأة عبر الوطن» Study of Women’s Health Across the Nation على عدد من التحورات الجينية التي تزيد من احتمال حدوث أعراض الكآبة في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث.
نتائج جديدة
وقد نشر العلماء في عدد مارس (ابريل) 2008 من مجلة «مينوبوس» Menopause، بيانات من «دراسة سياتل حول صحة النساء في أواسط العمر» Seattle Midlife Women’s Health Study. وعندما بدأت الدراسة في بدايات التسعينات من القرن الماضي، التي امتدت على فترة 15 سنة، كان اغلب المشاركات وعددهن 302 امرأة، في أعمار الثلاثينات او بداية الأربعينات.
وسجلت النساء أعراض الكآبة، وتقويما خاصا بالدورة الشهرية (للتعرف على مرحلة انقطاع الطمث الانتقالية)، كذلك أجبن عن أسئلة حول حدوث الهبّات الساخنة لديهن. وقدم نصفهن تقريبا عينات منتظمة من البول لفحص الهورمونات.
كما قيّمت الدراسة أيضا نطاقا من العوامل الصحية والنفسية، منها تلك التي تتعلق بمرحلة انقطاع الطمث الانتقالية، العمر، والكآبة في فترات أخرى من الحياة.
وحلل الباحثون هذه العوامل كلا على انفراد، كما حللوا كل تشابكاتها المتنوعة. وأثبتت النتائج، ما توصلت إليه الدراسات الأخرى التي عثرت على علاقة رابطة بين حدوث أعراض الكآبة وبين الفترة المتأخرة من مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، اضطراب النوم، التوتر الحالي، وظهور الهبّات الساخنة.
اما العوامل الأخرى التي ارتبطت بالكآبة فكانت توترات أحداث الحياة السلبية (الناتجة عن مشاكل في العلاقات مع الآخرين، العمل، او الحياة الاجتماعية)، تاريخ الكآبة الحاصلة بعد الولادة او الانتهاك الجنسي، ووجود تاريخ عائلي في الكآبة.
والنساء اللواتي لم يحملن الأطفال، والنساء اللواتي كن يتناولن عقاقير مضادة للكآبة، كنّ كذلك في خطر اكبر (للتعرض للكآبة).
أما مؤشر كتلة الجسم فكان له تأثير ضئيل جدا في حدوث الكآبة. وبالمقارنة مع النساء اللواتي حصلت لديهن حالات كآبة قوية، فإن النساء اللواتي حدثت لديهن أعراض لحالات كآبة خفيفة نسبيا خلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث الانتقالية، كن يشعرن بالتحسن مع تقدم العمر.
والأمر الذي أثار الدهشة، هو انتفاء أي علاقة ملموسة بين حدوث الكآبة وبين مستوى الهورمونات التي ترتبط نفسها مع مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، وأساسا الاستروجين Estrogen، أو الهورمون المحفز للحويصلات Follicle-Stimulating Hormone.
النتائج المترتبة
ان نتائج هذه الدراسة، تجادل بأن اللوحة الخاصة بحدوث أعراض الكآبة خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث، هي معقدة أكثر بكثير من التذبذبات الحاصلة في مستويات الهورمونات او الهبّات الساخنة.
وقد تزيد عدة عوامل، ومنها الألم العاطفي السابق، وضع المرأة الهش الذي يعرضها للكآبة، خلال سنوات هذه الفترة.
كما ان مرحلة انقطاع الطمث الانتقالية تقدم بنفسها جملة من التحديات، فسلجية ونفسية.
ويقول باحثو سياتل إن نتائجهم ينبغي ان تكون تذكيرا بأن المزاج الكئيب خلال مرحلة انقطاع الطمث الانتقالية «لا يعود فقط الى هذه المرحلة الزمنية من عمر المرأة، لكن ايضا الى التاريخ المتراكم للأحداث التي وقعت خلال حياتها».
واحدى النتائج المترتبة تتمثل في ان علاج الكآبة لبعض النساء أثناء مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، قد لا يتطلب استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب فحسب، بل العلاج النفسي، الذي يمكنه المساعدة على علاج الصعوبات التي تمتد جذورها الى الماضي